كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ تَعَاوُرُ تِلْكَ الْأَحْكَامِ) أَيْ عُرُوضِهَا مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الدِّينِ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّفَقُّهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ مُجَرَّدُ التَّفَهُّمِ لَا كَمَا يَقْتَضِيهِ تَفْسِيرُ الشَّارِحِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ؛ لِأَنَّ الْفِقْهَ مِنْ الدِّينِ سم أَيْ وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ الْمَحَلِّيُّ وَالْمُغْنِي عَلَى التَّفْسِيرِ بِالتَّفَهُّمِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا لَفْظَةَ عُرْفًا وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَضْعٌ إلَهِيٌّ إلَخْ) عِبَارَةُ السَّيِّدِ فِي حَوَاشِي الْعَضُدِ.
وَأَمَّا الدِّينُ فَهُوَ وَضْعٌ إلَهِيٌّ سَائِقٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ بِاخْتِيَارِهِمْ الْمَحْمُودِ إلَى الْخَيْرِ بِالذَّاتِ، وَيَتَنَاوَلُ الْأُصُولَ وَالْفُرُوعَ وَقَدْ يُخَصُّ بِالْفُرُوعِ وَالْإِسْلَامُ هُوَ هَذَا الدِّينُ الْمَنْسُوبُ إلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْعَقَائِدِ الصَّحِيحَةِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ انْتَهَتْ، وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي عَلَيْهَا لِبَعْضِهِمْ اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إلَهِيٌّ عَنْ الْأَوْضَاعِ الْبَشَرِيَّةِ نَحْوِ الرُّسُومِ السِّيَاسِيَّةِ وَالتَّدْبِيرَاتِ الْمَعَاشِيَّةِ وَقَوْلُهُ سَائِقٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ احْتِرَازٌ عَنْ الْأَوْضَاعِ الطَّبِيعِيَّةِ الَّتِي يَهْتَدِي بِهَا الْحَيَوَانَاتُ لِخَصَائِصِ مَنَافِعِهَا وَمَضَارِّهَا، وَقَوْلُهُ بِاخْتِيَارِهِمْ الْمَحْمُودِ عَنْ الْمَعَانِي الِاتِّفَاقِيَّةِ وَالْأَوْضَاعِ الْقَسْرِيَّةِ وَقَوْلُهُ إلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ بِالذَّاتِ عَنْ نَحْوِ صِنَاعَتَيْ الطِّبِّ وَالْفِلَاحَةِ فَإِنَّهُمَا وَإِنْ تَعَلَّقَتَا بِالْوَضْعِ الْإِلَهِيِّ أَعْنِي تَأْثِيرَ الْأَجْسَامِ الْعُلْوِيَّةِ وَالسُّفْلِيَّةِ وَكَانَتَا سَائِقَتَيْنِ لِأُولِي الْأَلْبَابِ بِاخْتِيَارِهِمْ الْمَحْمُودِ إلَى صِنْفٍ مِنْ الْخَيْرِ فَلَيْسَتَا تُؤَدِّيَانِهِمْ إلَى الْخَيْرِ الْمُطْلَقِ الذَّاتِيِّ أَعَنَى مَا يَكُونُ خَبَرًا بِالْقِيَاسِ إلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ السَّعَادَةُ الْأَبَدِيَّةُ وَالْقُرْبُ إلَى خَالِقِ الْبَرِيَّةِ انْتَهَى. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَسَّرُ إلَخْ) فَالدِّينُ بِالتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ شَرْعُ الْأَحْكَامِ وَبِالثَّانِي نَفْسُ الْأَحْكَامِ كُرْدِيٌّ وَفِيهِ تَوَقُّفٌ؛ لِأَنَّ الْوَضْعَ فِي الْأَوَّلِ بِمَعْنَى الْمَوْضُوعِ كَمَا نَبَّهُوا عَلَيْهِ بَلْ قَوْلُ النِّهَايَةِ وَالدِّينُ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَحْكَامِ وَهُوَ وَضْعٌ إلَخْ صَرِيحٌ فِي الِاتِّحَادِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا) أَيْ الْأَحْكَامَ الْمَشْرُوعَةَ.
(قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُقْصَدُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمِنْ حَيْثُ إظْهَارُ الشَّارِعِ لَهَا شَرْعًا وَشَرِيعَةً. اهـ. أَيْ كَمَا أَنَّ الشَّرِيعَةَ مَشْرَعَةُ الْمَاءِ، وَهِيَ مَوْرِدُ الشَّارِبَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ لِلثَّانِي) وَهُوَ لِلتَّفَقُّهِ سم وَكُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَسَهَّلَهُ عَلَيْهِ) قَدْ يَنْبَغِي تَرْكُهُ سم وَلَعَلَّهُ لِعَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمُقَدَّرِ لِلتَّفَقُّهِ.
(قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مَنَّ عَلَيْهِ) الْأَخْصَرُ الْأُولَى بِأَنَّ مَنْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ بِفَهْمٍ تَامٍّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالتَّوْفِيقُ الْمُخْتَصُّ بِالْمُتَعَلِّمِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ شِدَّةُ الْعِنَايَةِ وَمُعَلَّمٌ ذُو نَصِيحَةٍ وَذَكَاءُ الْقَرِيحَةِ وَاسْتِوَاءُ الطَّبِيعَةِ أَيْ خُلُوُّهَا مِنْ الْمَيْلِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. اهـ.
وَالْمُرَادُ بِالتَّوْفِيقِ الْمَذْكُورِ تَيْسِيرُ الْأَسْبَابِ الْمُوَافِقَةِ لِلْمَقْصُودِ وَالْمُحَصِّلَةِ لَهُ ع ش.
(قَوْلُهُ لِلُطْفِهِ إلَخْ) أَيْ أَوْ لِلتَّفَقُّهِ سم.
(قَوْلُهُ وَشَاهِدُ ذَلِكَ إلَى قَوْلِهِ وَمَفْعُولًا إلَخْ) كَانَ الْمُنَاسِبُ إمَّا تَأْخِيرُهُ عَنْ بَيَانِ الْإِعْرَابِ وَأَلْ كَمَا فِي النِّهَايَةِ أَوْ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُغْنِي حَيْثُ قَالَ عَقِبَ مِنْ الْعِبَادِ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» أَيْ وَيُلْهِمُهُ الْعَمَلَ بِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَأَلْ فِيهِ إلَخْ) أَيْ وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ سم.
(قَوْلُهُ لِلْجِنْسِ) أَوْ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَوْ لِلْعَهْدِ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ أَيْ أَصِفُهُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ) لَمْ يُرِدْ الشَّارِحُ أَنَّ هَذَا مَدْلُولُ أَحْمَدُهُ إذْ الَّذِي يَدُلُّ هُوَ عَلَيْهِ أَصِفُهُ بِالْجَمِيلِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ مُقَدِّمَتَيْنِ خَارِجَتَيْنِ أَشَارَ إلَى أُولَاهُمَا بِقَوْلِهِ إذْ كُلٌّ مِنْهَا جَمِيلٌ وَإِلَى ثَانِيَتِهِمَا بِقَوْلِهِ وَرِعَايَةُ جَمِيعِهَا إلَخْ بُنَانِيٌّ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ.
(قَوْلُهُ أَبْلَغُ فِي التَّعْظِيمِ) أَيْ الْمُرَادُ بِمَا ذُكِرَ إذْ الْمُرَادُ بِهِ إيجَادُ الْحَمْدِ لَا الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ سَيُوجَدُ نِهَايَةٌ وَشَرْحُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ.
(قَوْلُهُ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْحَمْدَ الْأَوَّلَ أَبْلَغُ إلَخْ) خَالَفَ الشَّارِحُ الْمُحَقِّقَ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَبَيَّنَ أَنَّ الثَّانِيَ أَبْلَغُ، وَبَسَطْنَا فِي كِتَابِنَا الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ تَأْيِيدَهُ وَرَدَّ خِلَافِهِ، وَمَا اعْتَرَضُوا بِهِ عَلَيْهِ مِمَّا لَا يَمْتَرِي فِيهِ الْعَاقِلُ الْفَاضِلُ بَلْ يَتَحَقَّقُ لَهُ مِنْهُ أَنَّ زَعْمَ أَبْلَغِيَّةِ الْأَوَّلِ مَنْشَؤُهُ عَدَمُ إمْعَانِ التَّأَمُّلِ وَعَدَمُ فَهْمِ مَعْنَى الْحَمَدَيْنِ عَلَى وَجْهِهِ فَرَاجِعْهُ سم وَكَذَا وَافَقَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي لِلشَّارِحِ الْمُحَقِّقِ عِبَارَتَهُمَا وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ حَمْدِهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ حَمْدٌ بِجَمِيعِ الصِّفَاتِ بِرِعَايَةِ الْأَبْلَغِيَّةِ وَذَاكَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا وَهِيَ الْمَالِكِيَّةُ أَيْ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ وَإِنْ لَمْ تُرَاعَ الْأَبْلَغِيَّةُ بِأَنْ يُرَادَ الثَّنَاءُ بِبَعْضِ الصِّفَاتِ فَذَاكَ الْبَعْضُ أَعَمُّ مِنْ هَذِهِ الْوَاحِدَةِ لِصِدْقِهِ بِهَا وَبِغَيْرِهَا الْكَثِيرِ فَالثَّنَاءُ بِهَا أَبْلَغُ فِي الْجُمْلَةِ أَيْضًا نَعَمْ الثَّنَاءُ بِالْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ تَفْصِيلُهُ أَيْ تَعْيِينُهُ أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ مِنْ هَذَا. اهـ.
وَزَادَ الثَّانِي فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ أَبْلَغَ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ اُفْتُتِحَ بِهِ الْكِتَابُ أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَمْدَ فِيهِ لِمَقَامِ التَّعْلِيمِ وَالتَّعْيِينُ لَهُ أَوْلَى. اهـ.
(قَوْلُهُ بَلْ أَخَذَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) مَرْجُوًّا بِهِ عَنْ الْمُغْنِي آنِفًا.
(قَوْلُهُ وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا) يَعْنِي جَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْحَمْدِ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ وَالْحَمْدِ بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ، وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ عَلَى الثَّانِي فَقَوْلُهُ نَاسِيًا إلَخْ عِلَّةٌ لِكُلٍّ مِنْ الدَّعْوَيَيْنِ وَلِذَا قَدَّمَهُ.
(قَوْلُهُ وَلِيَجْمَعَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْأُولَى فَقَطْ.
(قَوْلُهُ وَحُدُوثُهُ) مِنْ عَطْفِ اللَّازِمِ وَلَوْ عُكِسَ الْعَطْفُ كَانَ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ الْمَتْنُ أَبْلَغُ حَمْدٍ) يَنْبَغِي أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ، وَإِلَّا فَإِنْ أَرَادَ أَبْلَغَ الْحَمْدِ مُطْلَقًا فَهُوَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ إذْ حَمْدُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ حَيْثُ الْإِجْمَالُ خُصُوصًا حَمْدُ سَيِّدِهِمْ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَبْلَغُ مِنْ حَمْدِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقْدِرُونَ مِنْ إجْمَالَاتِ الْحَمْدِ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ أَرَادَ حَمْدًا مَا أَبْلَغَ مِنْ حَمْدٍ مَا فَلَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ أَمْرٍ فَتَأَمَّلْهُ سم.
(قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْإِجْمَالُ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالِ عِبَارَةِ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَتَصَوَّرُ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُ عُمُومُ الْحَمْدِ مَعَ أَنَّ بَعْضَ الْمَحْمُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ النِّعَمُ لَا يُتَصَوَّرُ حَصْرُهَا كَمَا مَرَّ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يُنْسَبَ عُمُومُ الْمَحَامِدِ إلَيْهِ تَعَالَى عَلَى جِهَةِ الْإِجْمَالِ بِأَنْ يَعْتَرِفَ مَثَلًا بِاشْتِمَالِهِ عَلَى جَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ الْجَلَّالِيَّةِ وَالْجَمَالِيَّةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ حَدُّ الْحَمْدِ الْمَذْكُورِ. اهـ. قَالَ الرَّشِيدِيُّ وَمَعَ ذَلِكَ لَابُدَّ مِنْ ادِّعَاءِ إرَادَةِ الْمُصَنِّفِ الْمُبَالَغَةَ؛ لِأَنَّ حَمْدَهُ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ دُونَ حَمْدِ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَوْ إجْمَالِيًّا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَرُدَّ) أَيْ تَفْسِيرُ الْكَمَالِ بِالتَّمَامِ سم.
(قَوْلُهُ بِأَنَّهُ إطْنَابٌ فَقَطْ) يَعْنِي أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَأَكْمَلُهُ مُجَرَّدُ إطْنَابٍ فَالْمُرَادُ بِهِ عَيْنُ الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ أَبْلَغُ حَمْدٍ وَتَفْسِيرُ الْكَمَال بِالتَّمَامِ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَعَدَمَ الْإِطْنَابِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ أَيْ قَوْلِهِ وَأَزْكَاهُ وَأَشْمَلُهُ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ قَوْلُهُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ إطْنَابٌ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْأَلْفَاظِ الْمُتَرَادِفَةِ وَنَحْوِهَا شَائِعٌ فِي الْخُطَبِ. اهـ. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ضِدِّ مَا قُلْته وَيَرُدُّهُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَبِأَنَّ التَّمَامَ إلَخْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْمَرَامِ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ قَدْ عُلِمَ) أَيْ مِنْ لَفْظَةِ عَشْرَةٍ.
(قَوْلُهُ وَيُرَدُّ) أَيْ الرَّدُّ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ بِأَنَّ هَذَا) أَيْ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ.
(قَوْلُهُ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَاهِيَّاتِ الْحِسِّيَّةِ إلَخْ) قَالَ سم لَك مَنْعُ هَذَا الْحَصْرِ، ثُمَّ أَطَالَ فِي رَدِّ كَلَامِ الشَّارِحِ وَجَعَلَهُ مَاهِيَّةَ الْحَمْدِ اعْتِبَارِيَّةً رَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ وَمُعَانِدٍ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لَمِنَّا وَكُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَلَمْ يُتَعَاوَرَا) أَيْ لَمْ يُتَوَارَدَا الْإِكْمَالَ وَالْإِتْمَامَ فِي الْآيَةِ قَالَ سم هَذَا قَدْ لَا يَمْنَعُ مَا ذُكِرَ. اهـ.
وَأَقُولُ إنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ رَدُّ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ لِمَا ذُكِرَ لَا مَنْعُهُ فَلَا إشْكَالَ.
(قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْت} إلَخْ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْمُتَعَاوِرِ أَيْ فِي الْمُتَعَاوِرِ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ كَالْحَمْدِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت قَالَ سم قَوْلُهُ فَاتَّجَهَ أَنَّهُمَا فِيهِ كَانَ الْمُرَادُ فِي الْمَذْكُورِ مِنْ الْآيَةِ. اهـ. فَرَجَعَ الضَّمِيرُ إلَى الْآيَةِ بِتَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ وَبِأَنَّ التَّمَامَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنَّهُ إطْنَابٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَيُرَدُّ بِفَرْضٍ إلَخْ) فِيهِ مَا فِيهِ سم.
(قَوْلُهُ بِنَحْوِ مَا قَبْلَهُ) يَعْنِي أَنَّ هَذَا فِي الْمَاهِيَّاتِ الْحِسِّيَّةِ كُرْدِيٌّ.
(وَأَشْهَدُ) أَعْلَمُ أُتِيَ بِهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ» أَيْ الْقَلِيلَةِ الْبَرَكَةِ (أَنْ لَا إلَهَ) أَيْ لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ (إلَّا اللَّهُ) وَفِي نُسْخَةٍ زِيَادَةُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَوَحْدَهُ تَأْكِيدٌ لِتَوْحِيدِ الذَّاتِ وَمَا بَعْدَهُ تَأْكِيدٌ لِتَوْحِيدِ الْأَفْعَالِ رَدًّا عَلَى نَحْوِ الْمُعْتَزِلَةِ (الْوَاحِدُ) فِي ذَاتِهِ فَلَا تَعَدُّدَ لَهُ بِوَجْهٍ وَصِفَاتِهِ فَلَا نَظِيرَ لَهُ بِوَجْهٍ وَأَفْعَالِهِ فَلَا شَرِيكَ لَهُ بِوَجْهٍ وَلَمَّا نَظَرَ إلَى حَقَائِقِهَا وَمَا يَلِيقُ بِهَا حُجَّةُ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ لَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ أَبْدَعُ مِمَّا كَانَ أَيْ كُلُّ كَائِنٍ إلَى الْأَبَدِ مَتَى دَخَلَ فِي حَيِّزٍ كَانَ لَا أَبْدَعَ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعِلْمَ أَتْقَنَهُ وَالْإِرَادَةُ خَصَّصَتْهُ وَالْقُدْرَةُ أَبْرَزَتْهُ وَلَا نَقْصَ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَكَانَ بُرُوزُهُ عَلَى أَبْدَعِ وَجْهٍ وَأَكْمَلِهِ وَلَمْ يَتَفَاوَتْ بِالنِّسْبَةِ لِبَارِئِهِ {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} بَلْ لِذَوَاتِهِ بِاعْتِبَارِ الْأَحْكَامِ فَاعْتِرَاضُهُ بِاسْتِلْزَامِ ذَلِكَ عَجْزُ الْمُحْدِثِ لِهَذَا الْعَالِمِ عَنْ إيجَادِ أَبْدَعَ مِنْهُ أَوْ بُخْلُهُ بِهِ أَوْ وُجُوبُ فِعْلِ الْأَصْلَحِ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ مُوجَبٌ بِالذَّاتِ هُوَ عَيْنُ الْحُمْقِ وَالْجَهْلِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ أَبْدَعُ مِنْهُ بِأَنْ تَتَعَلَّقَ الْقُدْرَةُ بِإِعْدَامِهِ حَالَ وُجُودِهِ لَزِمَ اجْتِمَاعُ الضِّدَّيْنِ وَهُوَ مُحَالٌ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْقُدْرَةُ فَلَمْ يُنَافِ ذَلِكَ صُلُوحَ الْقُدْرَةِ لِلطَّرَفَيْنِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ بِأَنْ تَتَعَلَّقَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بَدَلًا عَنْ الْآخَرِ ثُمَّ الِاعْتِرَاضُ إنَّمَا يُتَوَهَّمُ حَيْثُ لَمْ تُجْعَلْ مَا مَصْدَرِيَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (الْغَفَّارُ) أَيْ السَّتَّارُ لِذُنُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهَا وَلَمَّا كَانَ مِنْ شَأْنِ الْوَاحِدِ الْقَهْرُ آثَرَهُ عَلَى الْقَهَّارِ لِئَلَّا تَنْزَعِجَ الْقُلُوبُ مِنْ تَوَالِيهِمَا وَلِيَتِمَّ لَهُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الطِّبَاقِ الْمَعْنَوِيِّ لِإِشَارَةِ الْأَوَّلِ لِمَقَامِ الْخَوْفِ وَالثَّانِي لِضِدِّهِ.
تَنْبِيهٌ:
فَرَّقُوا بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْأَحَدِ وَأَصْلُهُ وَحِدَ بِأَنَّ أَحَدًا يَخْتَصُّ بِأُولِي الْعِلْمِ وَبِالنَّفْيِ إلَّا إنْ أُرِيدَ بِهِ الْوَاحِدُ أَوْ الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْآيَةِ وَوَصْفًا بِاَللَّهِ دُونَ وَاحِدٍ وَوَحْدٍ وَبِأَنَّ نَفْيَهُ نَفْيٌ لِلْمَاهِيَّةِ بِخِلَافٍ فِي الْوَاحِدِ إذْ لَا يَنْفِي الِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَبِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ لِلْمُؤَنَّثِ أَيْضًا نَحْوُ: {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ} وَالْمُفْرَدُ وَالْجَمْعُ نَحْوُ: {مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} وَبِأَنَّ لَهُ جَمْعًا مِنْ لَفْظِهِ وَهُوَ الْأَحَدُونَ وَالْآحَادُ وَقَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ بِتَرَادُفِهِمَا وَلَكِنَّ الْغَالِبَ اسْتِعْمَالُ أَحَدٍ بَعْدَ النَّفْيِ اخْتِيَارٌ لَهُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ وَأَشْهَدُ) قَالَ الشِّهَابُ الْأَشْبِيطِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْخُطْبَةِ مَعْنَاهَا هُنَا أُعْلَمُ ذَلِكَ بِقَلْبِي وَأُبَيِّنُهُ بِلِسَانِي قَاصِدًا بِهِ الْإِنْشَاءَ حَالَ تَلَفُّظِهِ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَذْكَارِ وَالتَّنْزِيهَاتِ. اهـ.

(قَوْلُهُ أُعْلِمُ) هَلْ هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ كَمَا هُوَ مُنَاسِبٌ لِمَعْنَى الشَّهَادَةِ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ تَأْكِيدٌ لِتَوْحِيدِ الذَّاتِ) قَدْ يُقَالُ بَلْ هُوَ تَأْكِيدٌ لِاخْتِصَاصِ الْأُلُوهِيَّةِ بِاَللَّهِ الَّذِي أَفَادَهُ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ.